ها أنا لعدة سنوات أحاول القيام بالتجارب مع تلاميذي بالمرحلة الثانية لفهم تعاقب النهار والليل والفصول وأشكال القمر... ولكنني لم أكن قط راضية عنها دون معرفة السبب الحقيقي... حتى تبين لي أن ما يؤرقني هو أن علينا أن نتقبل أن جزء الكرة الموجود في الظل يمثل الليل. وفي الفصل، حتى وإن تمكنا من إيجاد الظلام التام، لا نصل حقاً لليل إن كان هناك مصباح مضاء. فلم لا تضئ الشمس ما "وراء" الكواكب؟ في أحد الغرف المضاءة بواسطة مصباح، لا يوجد ليل وراء الدولاب! وبالبحث قليلاً تمكنت من الحصول على التفسير. فالأمر يتعلق بالغلاف الجوي! فالضوء لا ينتشر بنفس الطريقة في الفضاء. فكيف يمكن تفسير ذلك للتلاميذ؟

إنني لا افهم دور الغلاف الجوي في ذلك. والنقطة الوحيدة التي يجب مراعاتها هي انتشار الضوء في خطوط مستقيمة. فللضوء خاصية ملحوظة للانتشار (في خط مستقيم، أي بإتباع حافة المسطرة) في الهواء (=الغلاف الجوي؟) وكذلك في الفراغ، بخلاف الموجات الأخرى (الصوتية مثلاُ)، التي تحتاج إلى دعامة للانتشار فنحن نرى ضوء النجوم، ولكننا لا نسمعها... والشمس لا تضئ ما وراء الكواكب، والسبب ببساطة هو أن الضوء الصادر عن الشمس، الذي يمكن تمثيله على أنه مجموعة غير منتهية من الأشعة الضوئية، تسير جميعها في نفس الاتجاه، لا تقابل سوى "واجهة" الكوكب. وفي الفصل، يكون الأمر على هذا النحو أيضاً، غير أننا بصفة عامة يكون لدينا بروجيكتور "قريب" من الجسم المضاء لذا يتواجد لدينا مخروط ضوئي يصل للجسم. ولكن وراء الدولاب الذي يضاء بواسطة البروجيكتور، فهذا هو الليل بالنسبة للبروجيكتور. وأعتقد أن هناك إشارة إلى الضوء المنتشر الذي يتواجد غالباً حتى عند محاولة أن يسود الظلام، ولكن يجب تجريد الفكرة ووضع البروجيكتور فقط في الاعتبار حيث الضوء الذي يسير في قنوات بواسطة لفافة من الكرتون المقوي الفارغ مثلاً. وللاقتناع قد يمكن إعداد علبة سوداء بواسطة علبة أحذية على سبيل المثال وإضاءة كرة بنج بونج موجودة في الداخل فقط بواسطة مصباح جيب يوضع أمام أحد الثقوب الجانبية. يوجد ليل وراء الكرة ونهار أمامها. هذا، وتمثل الفصول مشكلة أخرى.

يقوم الغلاف الجوي بدورٍ في انتشار الضوء حول الأرض (سأعود لذلك لاحقاً)، ولكن ليس هذا هو السبب الرئيسي في أن يكون هناك ضوء وراء الدولاب في الفصل المضاء بمصباح واحد. في هذه الحالة الأخيرة، يوجد ضوء ببساطة نظراً لانعكاسه على حوائط وسقف الفصل بالقدر الكافي الذي يسمح بإحاطة الدولاب وما وراءه. والحوائط ليست مرايا ولكنها مع ذلك تعكس الضوء. وإن لم تكن تعكس الضوء لبدت حالكة السواد. وفي الواقع، نحن حتى لا نراها إلا عند الحوافي، إذا كان هناك نافذة... فنحن لا يمكننا رؤية الجسم إلا إذا تلقت العين الضوء الصادر من هذا "الجسم"، أي إذا كان هذا الجسم يصدر أو يعكس الضوء. وإذا تمكنا من التخلص من العوائق، (الحوائط، السقف، الخ...) التي تعكس الضوء في الفصل، فهكذا خلال ليلة غير قمرية، وراء الدولاب، سيحل الظلام. ويجب تغطية الحوائط والسقف و الأشياء كافة في الغرفة بالقطيفة السوداء غير اللامعة لإجراء التجربة كما ينبغي. وهذا يوضح أن الغلاف الجوي الأرضي ينشر أيضاً الضوء. أي أن الضوء ينقسم من مساره المستقيم ليأخذ وجهات أخرى. وعلى الرغم من ضعف هذا التأثير إلا أن له نتائج واضحة، تتمثل أساساً في لون السماء الأزرق وضوء الشفق. وبدون الغلاف الجوي، بمجرد وصول الشمس أسفل الأفق، سيحل الظلام فوراً بالنجوم والقمر خلال النهار العادي. وليس هذا هو الوضع حيث أن الضوء المنتشر يسمح بإحاطة الأرض إلى حد ما وإطالة النهار لبضعة دقائق أو لبضعة ساعات حسب الارتفاع والفصل الذي نكون فيه. والتأثير ليس كبيراً بالقدر الكافي لإضاءة كل منطقة الأرض التي لا ترى الشمس حيث ينتهي الأمر بحلول الظلام. النتائج: يطول النهار عن الليل إذا كنا نسمي النهار تلك الفترة التي نرى فيها بوضوح دون الاستعانة بمصباح. والمظهر الآخر المعروف هو اللون الأزرق للسماء الذي ينتج عن أم الغلاف الجوي يتسبب بسهولة في انحراف الجزء الأزرق من الضوء أكثر من الجزء الأحمر من الضوء. وبدون الغلاف الجوي لأصبحت السماء حالكة السواد خارج نطاق الشمس (والنجوم). وبوجود الغلاف الجوي، تنحرف بعض الأشعة الضوئية التي لم تكن مرسلة لنا وتمر أعلى رؤوسنا داخل الغلاف الجوي الأرضي، ونظراً لأن اللون الأزرق يسهل انحرافه أكثر من اللون الأحمر، يسود اللون الأزرق. لماذا ينشر الغلاف الجوي الضوء؟ يرجع ذلك لوجود جزيئات من الأكسجين والأزوت تؤثر على الضوء وتجعله ينحرف. وفي الغلاف الجوي السفلي، تقوم قطعاً جزيئات الأتربة العالقة بدورٍ ما في عملية الانتشار عن طريق الانعكاس ولكنني أعتقد أن تأثر ذلك محدود جداً.